undefined
undefined

حاولت خطف قبلة من فوق خدها الأبيض الناعم المتورد.. فصفعتني و دفعتني بعيداً و شتمتني بألفاظ قبيحة جداً.. ثم أجهشت باكية و هرولت جارية !!
و كانت هي ابنة خالي الحلوة المستديرة .. منيرة !
رأيت " منيرة " لأول مرة في حياتي منذ عشرة أعوام.. وقتها كان عمري ستة أعوام.. طفل نحيف أسمر غامق السمرة .. غارق في طين و تراب ( الحجز )*.. عندما عاد خالي " أشرف " فجأة من الإسكندرية و معه أسرته الصغيرة.. زوجته الإسكندرانية الحسناء التي تجري في عروقها دماء تركية من ناحية أمها.. و طفلة صغيرة جميلة ذات ضفيرتين شقراوين و جبهة ناصعة البياض؛ متوردة الخدين ؛ في الخامسة من عمرها.. هي " منيرة" .. أو " موني " كما كانوا يدللونها !!
و كانت عودة خالي علي هذه الصورة إيذانا ببدء حرب عائلية شعوا شنتها جدتي علي خالي و زوجته " هاله ".. فالمرأة الصعيدية المتشددة لم تقبل أن تسير زوجة أبنها الشابة الجميلة في طرقات القرية حاسرة الرأس مكشوفة الوجه.. كما راحت تضايقها أيضاً بموضوع الإنجاب ؛ و تعايرها بالتلميحات و الغمز و اللمز علي أنها لم تنجب في عمر زواجها الذي أربي علي الستة أعوام سوي هذه ( البت ) ! بل إن جدتي جامدة الرأس أعلنت صراحة أن هذا العام هو آخر فرصة ل" هالة " .. فإذا أنتهي دون أن تحمل ثانية فسوف تزوج أبنها – أي خالي " أشرف " – فوراً من أحدي بنات قريتنا !
كل هذا دفع خالي إلي أن يهرب بزوجته و أبنته و يعود بهما إلي الإسكندرية بعد شهرين فقط .. فلم يعودوا إلي ( الحجز ) سوي اليوم !
* بالأمس توفيت جدتي في الفجر فاندلع الصراخ و العويل في البيت.. و أسرعت أمي إلي التليفون تبلغ خالي " أشرف " بالخبر باكية ناحبة.. و ترجوه في انكسار أن ينسي ما كان و كل ما فعلته جدتي بزوجته و به.. و الشتائم التي كانت تصبها علي أذنيه في التليفون.. واصفة إياه ب( عديم الرجولة ) و ( عديم النخوة ) و ( الدلدول ) و ( شرابه الخرج ).. رجته أمي أن ينسي كل هذا و يأتي ليشيع جنازة أمه.. و يكفي أنها ماتت دون أن تراه !
و في هذا الصباح كنت في الحقل مع أخي الأكبر " إبراهيم " نفحص القطن ؛ لنتحقق من عدم وجود لطع الدودة اللعينة.. و بينما أنا و أخي مغروزين وسط عيدان القطن جاءنا صوت أختي " سناء " ليمزق الفضاء صارخة : -( يا " براهيم " أمك بتقولك تعالي سلم علي خالك " أشرف ".. و هات الواد " محمود " معاك ! )
- ( هو جه من إسكندرية ؟! )
- ( أيوه.. جه هو و مراته و بناته.. تعالي حالاً.. و ما تنساش تجيب الواد " محمود " معاك !! )
و أسرعت أختي بالذهاب .. و هرولنا وراءها أنا و أخي " إبراهيم " !!
........................
ازدادت زوجة خالي جمالاً علي جمال.. أما أبنتيها " منيرة " و الصغيرة " مي " فقد غدت كلاً منهما آية في الجمال ! قال لي أخي " إبراهيم " و هو يمسح علي عنقه - علامة الغزل عند الفلاحين - :
- ( شفت الجمال يا واد ؟! )
- ( سيدي .. يا سيدي !! )
- ( قال و ستك كانت عايزاه يطلقها و لا يتجوز عليها ؟! )
- ( و لا البنات كمان ! )
- ( يا سلام .. يا سلام ! )
- (الله يخرب بيت أبوه !! )
- ( مين هو ؟!! )
- ( العرق التركي.. العرق التركي يا حمار !! )
..................
بعد ثلاثة أيام كان بيت " أبو سعيد " يقيمون فرح كبير لولدهم الوحيد " سعيد ".. و كانت الليلة أمام دارنا مباشرة؛ فعزمت علي " منيرة " – ابنة خالي – أن نصعد إلي السطح لنشاهد الزفة بوضوح أكثر!
أمسكت يدها حتى لا تتعثر وسط أكوام السباخ و الحطب التي تملأ السطح.. وقفت أمامي و أعطتني ظهرها.. و أخذت ترقب الزفة الفلاحي بدهشة و سعادة من خلال طاقة مفتوحة في منتصف الحائط.. و لكن الطاقة كانت عالية كثيراً عن مستوي رأسها ؛ فحاولت الوصول إليها – لتتفرج – دون جدوي.. ثم وضعت يدها في وسطها و ثنت جذعها في دلال.. و قالت لي بصوت ناعم جعلني أتمني أن تنشق الأرض و تبلعني فوراً :
- ( ممكن تسندني يا أسمك أية ؟! )
- ( " محمود ".. محسوبك " محمود " ! )
- ( طيب.. ممكن تسندني يا " محمود " من فضلك.. عشان عاوزة أبص علي الفرح!)
ابتلعت ريقي و مددت ذراعي القوي فاستندت عليه ؛ و وضعت قدمها في حفرة واسعة في منتصف الحائط ؛ فتعلت قليلاً و وصلت إلي الطاقة.. و أخذت تنظر منها في فرح طفولي.. و عيناها تبرقان بالسعادة و الشقاوة .. بينما رحت أنا أتأملها من الخلف !
يا سلام ! عنق مرمري عاجي و جسد مستدير ملتف و ذراعين بضين مرشوقين في عيني ككيزان العسل.. و أذنين صغيرتين كأذني الأطفال ؛ ووراءهما تختبئ خصلات ناعمة من شعر كأنه خيوط ذهبية مهدلة من أستار حريرية !
فجأة وجدتها تهبط بين ذراعي ..طلق ناري سخيف أخافها فصرخت ثم أسرعت بالنزول.. استدارت في يدي و حولت وجهها نحوي ؛ و انزلقت مرة واحدة لأجد صدرها يحتك بصدري.. و مرة واحدة وجدت شفتي الغليظتين الجافتين تلمسان خدها الوردي الناعم المعطر بعطر ألف أنثي جميلة !
لا أدري إذا كنت قد قبلتها أم لا ! كل ما أعرفه أن الرائحة الحلوة ملأت خياشيمي للحظة.. بعدها وجدت الفتاة تهوي أرضاً.. فقد دفعتني في صدري بعنف ؛ فارتددت إلي الوراء ساحباً ذراعي الذي كانت تستند عليه ؛ فتعثرت و سقطت .. ثم هبت واقفة وسددت لي قلماً محترماً .. ثم أسرعت تجري و هي تشتمني .. و تعثرت مرة أخري في كوم من الحطب ؛ و لكنها منعت نفسها من السقوط و هرولت ناحية السلم.. و هبطته جارية و هي تبكي و تسبني !!
..............................
لحظات و أفقت علي صوت زوجة خالي و هي تناديني.. و كنت قد تصلبت في مكاني كأصنام الكفار أتحسس موضع الصفعة !
نزلت فلم أجد سواها – " منيرة " – تتظاهر بالنشيج و البكاء.. و بجوارها أمها مكفهرة الوجه؛ محمرة العينيين .. و شاكية اللسان !
حمدت ربي أنهما – الفتاة و أمها – لم تخبرا أمي بفعلتي الخائبة.. و راحت " منيرة " ترمقني في تشفي واضح و أمها تصب علي سيل من الشتائم و الإهانات .. و عملت أذن من طين و أذن من عجين.. و تركتها تصفني بأنني غير متربي و جلف و لا أعرف الأصول.. إلي آخر هذه الألفاظ الكريمة التي تستخدم عادة في مثل تلك المناسبات السعيدة! و أخيراً هدأت زوجة خالي .. و بعد أن زفرت في ضيق أمرتني بأن أعتذر ل" منيرة " .. و أقبلها !
و ذهلت حقاً .. بينما أخرجت لي " منيرة " لسانها خلسة.. ثم صعرت لي خدها و قالت:
- ( بوس !! )
golden.pen

1 التعليقات:

  1. منال
    جميله جدا قصتك الأخيره
    فعلاً عرفتى توصلى التشبيهات صح
    قصه قصيره هى لكن جميله اوى فعلاً

قلوب سوداء

قلوب سوداء

just us

I have no heart
feel no love , no fear
no joy , no sorrow
i'm hollow

PHILAMATER

مضت حياتى لحظه قبل اللقاء
و انا أهيم لا أرى حتى البقاء
يا فرحه غمرت حياتى بعدما
أيقنت أنى أُكابد الاشتياق

TIMOR LANK

انتبه

عزيزى الزائر
جميع حقوق الملكيه الفكريه مملوكه للمشنركين فى المدونه
و لا يحق اقتباس او نسخ اى من الأعمال بدون الرجوع الى صاحبه
Protected by Copyscape Originality Check

search

Wall of fame

Timor Lank
golden.pen
Alshamy
GADELiOO
MeGo
ISCOTO
Bo0oZie
الساحرة الصغيرة
mostafa gamal hashim
Ahmed Elshal
أحمد محمد فريد
FunKey GiRL
nour
shimaa
Waleed Hassan
ahmed hemaia
philamater

The Black Pearl

Our Time

Cairo

Connecting peaple

where we are

our visitors

On line

مرات مشاهدة الصفحة في الأسبوع الماضي

2

المشاركات الشائعة

Reach us

للإستفسار او الاقتراحات
black_hearts0080@hotmail.com
black_hearts0080@yahoo.com

Followers